الجمعة، 18 أبريل 2008

هل أنا اللي بعيش الكتابة واللا الكتابة هي اللي بتعيشني..سؤال يطرح نفسه

منذ بدايات تعلُّقي بالكلمة المكتوبة .. كنت أتعجب من شاعرٍ ينجح باقتدار في كتابةِ قصيدةٍ عاطفيةٍ مليئةٍ بالمشاعر .. وفي نفس الوقت تصفُ بكل عنف حالة الغدر وتبِعات الفراق .. كنت أسأل نفسي .. كيف يشعر نفس الشخص بمثل هذا التناقض في نفس الوقت ؟؟ .. وهل حقا يعصفُ الحبُ بكل ذرةٍ في كيانه , أم تتفجّرُ داخله براكينُ الغضبِ ومرارةُ البُعد ؟؟ وماذا أُصدِّقُ حين أقرأ ؟! هل هو شاعرٌ رومانسيّ الاتجاه .. أم فارسٌ في الهِجاء ؟؟ ومن هو هذا الشخص ..هل هو الرقيق الخَلوق , أم المنتقم الساخط ؟؟
وبعد فترة من التناغم بيني وبين الكلمات .. بدأتُ أخُطُّ بيدي بعض السطور .. وكنت أوقاتا أكتب سطوراً تعجُّ بالألم والكآبة رغم وجودي فوق قمة السعادة , أو أخيطُ حروفا تتراقص فرحاً أثناء مروري بضائقةٍ نفسيةٍ عنيفة .. فعَلِمتُ حينها أن الكتابةَ قد تكون _في بعض المراحل_ من أجل التواصُل مع القلم , أو من أجل التعبير عن الانطلاق في سباق الكلمات الأزليّ الذي يشكّلُ الحياة بالنسبة للكاتب .. فالحروف لِكاتِبِها هي أنفاسهُ المتلاحقة .. إذا انقطعت ذهبت منه روحه , وإذا تواصلت عادت له حياته.
وبالتالي فقد يكتب المرء أشياءَا لا تعبِّرُ بالضرورة عن حالته الشعورية , ولكن تخرج سطورُهُ معبرةً ومؤثرة تخطف ألباب القُرّاء وتأخُذُهم معها في عالمٍ من إبداع الكاتب .
وبالتالي فالكاتب هنا يسوقُ الكلمةَ في الاتجاه الذي يريده .. ويشكّلها بحيث يصوِّرُ له خياله الخَصب.
وأحيانا يدخل الكاتب في مرحلةٍ مؤثرة تضطرُّهُ للكتابةِ عما يمر به من انفعالات , فيجد سطورَهُ تعبّرُ عن حالته بحذافيرها.. رغبةً منه في التنفيس عن بعضِ ما يمر به من أحاسيس سلبية كانت أو إيجابية , فيجدُ نفسَهُ وقد سيطرت عليه الكلمات , وخرجت في الصورةِ التي لا يملك لها تبديلا , ويكون حينها كمن يعتقد أن قلمَهُ يكتُبُ بقوّةٍ خارجيةٍ لايستطيعُ هو تغييرها
ولهذا فالكلمة قد تقود الكاتب , أو قد يقودها هوَ طبقا لمدي احترافه* أو مدى تأثره بموقف معيّن , فمهما احترف الإنسان الكتابة ستبقي هناك سطورٌ معيّنة تعبّر عن إحساسٍ معيّن مرَّ به , لايُدركُهُ غيره ولا يعيهِ سواه .
وفي النهاية أحب أن أعتقدَ أن الكاتبَ من أكثر الأشخاص تأثُّرا بالأحداث التي يمر بها .. فحين يسعَد قد تَطَالُ سعادتهُ عنانَ السماء , وحين يحزن قد يندثرُ تحت ثَرَي الألم .. وفي كل الأحوال فهو كائنٌ مُرهَف يتزلزل كيانُهُ لأقَلِّ الأشياء , فلا يملك سوي قَلَمَهُ لإخراجِ طاقاتِهِ المتناقَضة.

*بالنسبة لمفهوم الاحتراف .. لا أحب أن أطلق عليه احترافا , لكنه عملية صَقل من الشخص للموهبة التي منحها الله له , وأيضا نجاحه بفضل الله للوصول لهذه الدرجة من صقل موهبته ...وعلي مر الزمن تبقي حقيقة كون فوق كلّ ذي علم عليم , وبالتالي مهما احترف المرء شيئا ما سيظل طوال عمره يتعلم ممن يفوقه في المعرفة

فدوى نزار
http://sotourfadwa.blogspot.com

ليست هناك تعليقات: