الثلاثاء، 9 أكتوبر 2007

فاكرين بابا ماجد؟

إذا بحثنا في ذاكرة أيامنا .. ماذا سنجد؟؟ بالطبع لن نتذكر كل شيء ولكن المؤكد أن كل ما سنتذكره هو أحداث ومواقف نتعلق بها ولذلك فقد حُفرت في ذاكرتنا وستبقي إلي الأبد _أو إلي أن نفقد الذاكرة
وأحيانا .. عندما نجد الأحداث المحيطة بنا تفترسنا في دوامتها , فإننا نتجه لا إراديا إلي التنقيب في الذاكرة عن أشياء تبهجنا وتخفف من وطأة سباق الزمن
من ضمن ما قد نجده في ماضينا .. إجابة لسؤال بديهي ينطلق من عقولنا بصفة دورية .. سؤال عن من السبب في تكوين شخصيتنا علي هذا النحو ؟ وبالطبع ستأتي الإجابة غالبا : الوالدين , فكل منا يظهر عليه جزء من شخصية أبيه و أمه فما يغرسه الآباء ينضح فيما بعد علي تصرفات الأبناء ... كما أننا قد نتذكر أصدقاء الطفولة , وألعابنا الصغيرة , وبراءة تعاملنا مع الواقع الذي لم نتعرف عليه بعد , نتذكر رحلة قمنا بها مع أسرتنا , مكانا عشنا فيه برهة من الزمن , نتذكر مدرستنا القديمة , أو أساتذتنا السابقين , نتذكر لوحة رسمناها وسعدنا بها , نتذكر أول يوم تحملنا فيه أي مسئولية مهما صغرت , نتذكر الأعياد ومظاهرها المبهرة لنا كأطفال , نتذكر كم كنا نري الأشياء كبيرة وكأننا أقزام في زمن العمالقة , نتذكر الكثير والكثير من الأحداث والمواقف والتفاصيل
عن نفسي .. كلما بحثت في صفحات طفولتي , أتذكر أمي وهي تقرأ لنا_ أنا وأخي _ القصص والمقالات من مجلة العربي الصغير .. وأتذكرها تحكي لنا عن كل المجالات _ تاريخية وعلمية وحتي سياسية _ أتذكرها تأخذنا لتعلم القرءان الكريم في أحد المساجد , وتساعدنا علي حفظه وقراءته , أتذكرها تعلمنا الصلاة وتعلمنا القراءة والكتابة , أتدكرها تشاركنا في ألعابنا ونشاطاتنا , فهاهي ترسم معنا الطيور والأشجار وهاهي تهديني علبة من الألوان المائية غير عابئة بالفوضي التي سأخلّفها بعد ذلك , وهاهي تعلمني ركوب الدراجة مع أبي , وهاهي تساعدني علي استذكار دروسي , وتنمي عندي قيمة العلم والعمل .. ها هي تدفعني للتعبير عما بداخلي , وتحثني علي الجرأة في إبداء رأيي , هاهي تعلمني تحرّي الحق وألا أخشي فيه لومة لائم , هاهي تربي داخلي قوة الشخصية والثبات ومرونة التعامل مع الأحداث الحياتية المختلفة.. باختصار تغرس فيّ كل مكونات شخصيتي الحالية
أذكر أيضا أبي ... وهو يأخذنا في رحلات ترفيهية في إجازته نهاية كل أسبوع , ويلعب معنا بالكرة , ويركب بنا الدراجة , وتتشابك سياراتنا في الملاهي , ونتشبث به في بيت الرعب , أتذكره يحملنا لكي نطعم الزرافة في حديقة الحيوان , ... أتذكر وقت قدومه كل يوم من عمله حيث نتسابق لاستقباله خلف باب المنزل .. أتذكر حضوره معي للمدرسة حين كنت أشكو من أحد المدرسين , أتذكر ذهابي معه إلي عمله ورؤية الغلايات العملاقة وحجرات التحكم في محطة الكهرباء .. أتذكر مساعدته لي في حل مسائل الرياضيات , أتذكر صعوبة أيامي بسبب سفره ومدي اشتياقي إليه ..أتذكر دفعه لي في كل مراحل حياتي وعدم تفكيره ولو لحظة واحدة في كوني بنت أو أنني لن أستطيع تحقيق أحلامه .. بل علي العكس فهو دائم التشجيع والمؤازرة لي في كل مراحل حياتي ,
وأتذكر أيضا .. بابا ماجد .. وبرامجه الشيقة .. هذا الرجل الذي احترم عقلية الأطفال فأحبوه .. وشاركهم وحثهم علي الإبداع فلم يخذلوه .. هذا الرجل الذي أعطي للطفل الأهمية التي يستحقها , وعامله بكل تقدير وتفاهم .. كان ينمي الفنان الكامن داخل كل طفل .. وكان يتحدي مخيلة الأطفال ويشبع نهمها للمعرفة ... هذا الرجل الذي عرف ذكاء الأطفال وعمل علي تنميته ومجاراته , فأخرج جيلا واثقا من قدراته عاملا علي تحريكها ووضعها في مكانها الصحيح , هذا الرجل الذي أعطي لبرامج الأطفال بعدا جديدا ورونقا لن ينسوه
هذا الرجل الذي أعطي لنا مثالا ودليلا نتعامل به مع أطفالنا في المستقبل
وهنا .. إذ أتجول في طرقات ذاكرتي , فإنني لا يسعني سوي أن أشكر كل من ساهم في تكوين شخصيتي وبلورة اهتماماتي .. أشكر ربي الذي أنعم عليّ بهؤلاء .. وجعلني أنهل منهم ما يُعلي هامتي للأبد .... وما يشرفني أن أذكره دائما سرا وعلانية

شكراً

للمزيد عن السيرة الذاتية لبابا ماجد زوروا اللينك الظاهر أمامكم
http://www.fineart.gov.eg/arb/cv/cv.asp?IDS=469


فدوى نزار

ليست هناك تعليقات: